الخميس، 30 مايو 2013

صفةُ المنقطعِ للحِجاجِ ، والمجادلِ بالباطلِ والجهلِ الفضوحِ !

قال ابن حزمٍ في "حد المنطق"(ص :182)"وقد ذكرت الأوائل في صفة المنقطع [أي : حجته] ، وجوهاً نذكرها وهي:   
أن يقصد إبطال الحق أو التشكك فيه ، ومن هذا النوع : أن يحيلَ في جواب ما يسأل عنه ، على أنه ممتنع غير ممكن.

والثاني : أن يستعمل البهت والرقاعة والمجاهرة بالباطل ، ولا يبالي بتناقض قوله ، ولا بفساد ما ذهب إليه ، ومن ذلك : أن يحكمَ بحكمٍ ثم ينقضه.

والثالث الانتقال من قولٍ وسؤالٍ إلى سؤالٍ على سبيل التخليطِ ، لا على سبيل الترك والإبانة.

والرابع : أن يستعمل كلاماً مستغلقاً يظن العاقل أنه مملوء حكمة ، وهو مملوء هذراً.

ومن أقرب ما حضرني ذكره حين كتابي هذا الشأن من كتب الناس : فكتاب أبي الفرج القاضي المسمى " باللمع " ، فانه مملوء كلاماً معقداً مغلقاً لا معنى له ، إلَّا التناقض ، والبناء ، والهدم لما بنى.
وفي زماننا من سلك هذه الطريق في كلامه ، فلعمري لقد أوهم خلقاً كثيراً أنه ينطق بالحكمة واعمري ! أن أكثر كلامه ، ما يفهمه هو ، فكيف غيره.

والخامس : أن يحرج خصمه ويلجئه إلى تكَرارٍ ، بلا زيادةِ فائدةٍ ؛ لأنه يرجع إلى الموضوع الذي طرد عنه ، ويلوذ حواليه ، ولا تقوى ، ولا مزيداً أكثر من وصف قوله بلا حجة.
والسادس : الإيهام بالتضاحك والصياح ، والمحاكاة والتطييب ، والاستجهال والجفاء ، وربما بالسب ، والتكفير ، واللعن ، والسفه ، والقذف بالأمهات والآباء ، وبالحري إن لم يكن لطام وركاض.

وأكثر هذه المعاني ؛ ليست تكاد تجد في أكثر أهل زماننا غيرها. والله المستعان.

الاثنين، 27 مايو 2013

"كشفُ الغطاءِ عمَّا اسْتُنكر واسْتُغرب في تراجمِ الرواةِ في سيرِ أعلامِ النُّبلاء "















"كشفُ الغطاءِ عمَّا اسْتُنكر واسْتُغرب في تراجمِ الرواةِ في سيرِ أعلامِ النُّبلاء "
الحمد لله والصلاة والسَّلام على رسول الله وبعدُ :
 فقد وقع في نفسى يوماً وأنا أُطالعُ كتاب "سير أعلام النُّبلاء" للإمام أبي عبد الله الذَّهبي _رحمه  الله_ ، أن أقومَ بقراءة هذ الكتاب (قراءةً متأنيةً) قوامها : التتبعُ والاستقراء , والنقد البناء , لما حواه " سير أعلام النُّبلاء" في داخل طياته _ وبين السطور من صفحاته _ ، من مخالفاتٍ صدرت ممن ترجم لهم الذهبيُّ في "كتابه".
 سواءٌ كانت هذه المخالفات ، تمسُّ الجانب العقدي ، أو الشرعي , أو غيرهما, وأهمل (الذهبيُّ) نقدها على من تلبس بها – أو نسبت إليه وليس هو من أهلها –وذلك لعدم وجود الإسناد الذى يجعلنا أن نقول: أن هذا الخطأ العقدي (المذكور هذا) ، منسوبٌ إلى هذا النبيل _كما أورد الذهبيُّ_ (رحمه الله) ، أو هذه الأفعال التي تمسُّ جانب العبادة أو غيرها  = وكان يشوبها نوعٌ من الغلو ، أو غير ذلك , ولم ترد في سُنَّةِ نبيِّنا _عليه الصلاة والسَّلام_ سيد الانام ، أولم تبلغنا عن الصَّحب الكرام الأعلام = , صدرت منه فعلاً.
  
 ومما جعلني أقدمُ على هذا البحث ؛ حيثُ أنَّه كنت أقرأُ يوماً في "سير أعلام النُّبلاء" في ترجمة المغيرة بن شعبة(داهية الرأي) _رضي الله عنه_ ومما أثار دهشتي حينئِذٍ _خبرٌ أورده أبو عبد الله الذهبي _رحمه الله_ في ترجمة المغيرة بن شعبة _رضي الله عنه _ ، ومضمونُ هذا الخبر : هو أن شعبة _رضي الله عنه _ كان يتزوج أربعاً جميعاً, ويطلقهنَّ جميعاً , وأنَّه كان يجمع الأربعة من نساءه, ثم يقول لهنٌ: "أنتنَّ حسنات الأخلاق, طويلات الأعناق, ولكنِّي رجلٌ مطلاقٌ ؛ فأنتنَّ الطلاق "...!!
فقلت في نفسي : هل هذا فعلاً قاله المغيرة _رضي الله عنه_ ؟!.
فإن زُعم ذلك !، فأين الإسناد الذى نثبت به صحة هذا الفعل إليه؟.
والذى يدفعنا إلى الشك في الإسناد _على افتراض وجوده_ ، أننا لم نعهده (أي: هذا الفعل) عن النَّبي _صلى الله عليه وسلم_, وكذلك إخوانه(أي المغيرة)من الصحابة الكرام _رضي الله عنهم_ .
ثم قلتُ أيضا : وهل يتصور هذا من صحابيٍّ (تخرَّج في مدرسة النُّبوة) أن يجمع نساءه الأربع ,ثم يقول لهنَّ مادحاً (أنتنَّ حسنات الأخلاق ,طويلات الأعناق ,ولكنِّي رجلٌ مطلاق, فأنتُنَّ الطَّلاق)([1])...!!
فقلت في  نفسى حينئِذٍ : إذا كنَّ بهذا الوصف الذى وصف =(أي : أنهن حسنات الأخلاق, طويلات الأعناق ،  والأولى : تدلُ على جودة أخلاقهنَّ _وهذه من ركائز اختيار المرأة_ , والأخرى : تدلُ على براعة جمالهنَّ)= فلماذا طلقهنَّ ؟ ولكن إذاً فما العلةُ التي طلقهنَّ المغيرة _رضي الله عنه_ ،كما في الخبر ، من أجلها؟!
أجاب المغيرة بنفسه قائلاً :(ولكنّي رجلٌ مِطلاقٌ ), وهذه العبارةُ توحى على أنه مغرمٌ بطلاق النساء  ، والشاهدُ على ذلك : قوله _كم في الخبر_:(ولكنِّي رجلٌ مطلاقٌ ) ,فهي صيغة مبالغة...!!
فهل كان المغيرةُ فعلاً كذلك _أي : أنَّه مغرمٌ بالطَّلاق_ ، بدون علةٍ ، تستوجب طلاقاً لنسآءه ؟!.

 وأنا لم أتسآءل هذه الأسئلة _في داخلي_ إلَّا خوفاً على نفسي ؛ أن ينطق لساني بشيءٍ عن صحابيٍّ ، جليل القدر ، عظيم الفهم ، ويكفي أنَّه (مغيرة الرَّأي) ، لم أتثبت منه ، ولم ينبري قلمي في معرفة صحة ما نُسب إليه من سقيمه ...!!

ثم قلتُ : على افتراض أنه ثبت عنه ؛ فهل كان للمغيرة _رضي الله عنه_ مستندٌ عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ في ذلك ، أو أنَّه قوله وفعله هو ؟ . وإذا كان قوله وفعله هذا مخالفاً للكتاب والسُّنة النبوية صحيحة ، وسلف الأمة مثلاً ، أو جمهورهم ؛ فقد لا نُعوِّل عليه ، ولا نذيعه في المحافل ؛ إلَّا على وجه البيان ، وأنَّه مما اسْتُنكر على المغيرة _رضي الله عنه_ .
وليس بعجبٍ أن ينفرد صحابيٍّ بسنةٍ عن جماهير الصحابة _رضوان الله عليهم _ أو مع وجودِ نصٍّ من كتابٍ أو سنةٍ ، ولكنَّه قد يُسوِّغ ذلك ، ويُفتي به (بضربٍ من التأويل) ، أو يراه منسوخاً  مثلاً ، أو أنَّه لم يعلم بنسخه .

وممَّا يحضرني ذكره الآن ؛ هو فتوى ابن عباسٍ _رضي الله عنهما_  بزواج المتعة ، وأنَّه كان متمسكاً بهذا القول ، ويُفتي به ، وكذلك تلاميذه من بعده  ، كـــ "عكرمة ، ومجاهد ، وسعيد بن جُبيرٍ" ، ولمَّا بلغ ذلك بعض الصحابة _رضي الله عنهم_ قال كلاماً معناه :"أن ابن عباسٍ ، لم يدر ما يخرجُ من رأسه" .
كذا كان عليٌّ _رضي الله عنه_ يُعِلم ابن عباسٍ _رضي الله عنهما_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ حرَّم ذلك (أي : زواج المتعة) ، والدليلُ على ذلك ؛ ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (4825) من طريق الحسن بن محمد بن علي  وأخيه عبد اله عن أبيهما : أن عليَّاً _رضي الله عنه _ قال لابن عباسٍ _رضي الله عنهما_ :" إن النَّبي _صلى الله عليه وسلم_ نهى عن زواج المتعة ، وعن لحوم الحُمر الأهلية في زمان خيبر" .

             هذا ؛ وقد حاول بعضُ العلماء أن ينفي ثبوت ذلك عن ابن عباس _رضي الله عنهما_،                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            (والأسانيدُ إليه ثابتةٌ) ، ولكن حمله بعض العُلماء ، على أنَّه كان يُفتي بذلك للضرورة ، وهذا يدخل تحت باب (استدراكات الصحابة بعضهم على بعضٍ) .  
                         
وممَّا دفعني إلى هذه المقدمة : هو ما قد ينقدحُ في قلوب البعض، عند كلامي في بعض الأعلام النُّبلاء (من الغضب والتغيظ) ، ويقولون : كيف تُسوغ له نفسُه ؛ أن ينبري قلمُه ، وأن يُصوب لسانه بالطَّعن على النُّبلاء ممن زعم الذهبي _رحمه الله_ أنهم أعلامٌ ونُبلاء ، وعُبَّادٌ وأتقياءٌ لله تعالى ؟!!.

 ولكنِّي لا أجدُ من نفسي إلَّا التماس العذر لهم ، وأنَّه لم يدفعهم إلى هذا ؛ إلًّا الحميَّة والغيرة على نقد العلماء الأجلاء ، والزُّهاد العبَّادُ الأتقياء ، ونقد من زعم الذهبي أنهم أعلامٌ نِبالٌ .

وهذا  المثالُ الذي قدمته ، وهو مخالفة ابن عباس _رضي الله عنهما_ لجمهور الصحابة _رضوان الله عليهم_ ؛ يردُّ عليهم جميعاً ، فكما ردَّ عليٌّ على ابن عباسٍ _ رضي الله عنهم_ وأخذ يذكره بما ورد عن النَّبي _صلواتُ الله وسلامه عليه_ ، في تحريم المتعة _كما بيَّنا آنفاً_ ، يُجوِّزُ لنا (بالنقل عن السابقين المعتبرين من أهل  السُّنة والجماعة) ، أن نُخطئ الصحابي أو نُوهِّمهُ .
سواءٌ أكان ساهياً أو متعمداً أو متأولاً ، فمن باب أولى ؛ أن نُخطئ من هم دونهم ، وليس هم في مثل علمهم ، فأين هم كلهم من ابن عباسٍ _رضي الله عنه_  وعلمه ( أعني :التابعين ومن بعدهم) ، حيثُ دعا له النَّبي _صلى الله عليه وسلم_ وقال :"اللًّهم علمه التأويل"..!! .
وعلى الرغم من ذلك ؛ لم يكن ابن عباسٍ _رضي الله عنهما_ معصوماً من الخطأ ، ولم يستنكف الصحابة أنفسهم ذلك ( أي : ردُّهم عليه) ، وأخذ بعضهم يستنكر عليه ما كان مخالفاً للسُّنة ، كما كان هو الشأنُ من عليٍّ _رضي الله عنه_ .
فإن كان هذا (أي : الخطأ) جائزاً على الصحابة _رضوان الله عليهم أجمعين_ ، وكذلك : السَّهو ، والنِّسيان ، والغفلة ؛ فمن باب أولى : غيرهم من التابعين ، وأتباع التابعين ، ومن هم من عصرهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .         




([1]"سير أعلام النبلاء "(3/ 31) أورده الذهبي _رحمه الله_  فقال : " أبي إسحاق الطالقاني قال حدثنا ابن المبارك، قال :كان تحت المغيرة بن شعبة أربع نسوة ، فصفهن بين يديه ، وقال : " أنتن حسنات الأخلاق ، طويلات الأعناق ، ولكني رجل مطلاق ، فأنتن الطلاق "!! . وعن ابن وهبٍ عن مالكٍ : " وكان ينكح أربعا جميعاً ، ويطلقهنَّ جميعاً ".

ولقد استنكرتُ هذا الخبر للآتي :
أولاً : أنه ليس له إسنادٌ صحيحٌ يعوَّل عليه ، في دواوين السُّنة النبوية المطهرة ، لذا لا ينبغي مطلقاً أن ننسب كلاماً إليه _أو لغيره_ ؛ لم يصح إسنادُ ذلك إلينا عنه .

ثانياً : أن هذ الكلام ، يحمل غرابةً في نفسه ، فكيف بصحابيٍّ جليلٍ مثل المغيرة بن شعبةَ _رضي الله عنه _ ( داهية الرأي ) ، أن يكون مغرماً بطلاق النِّسوة ، من دون سببٍ شرعيٍّ واضحِ _ ، وذلك ؛ لما ورد معاً في المتن ، أنه كان يجمع الأربعة من نسآئه ، ثم يقول لهنَّ مادحاً : " أنتنَّ حسنات الأخلاق ، طويلات الأعناق ، ولكنِّي رجلٌ مطلاق ، فأنتنَّ الطلاق " ! .
فكيف بعد مدحهن ، والاعتراف بفضلهن ، طفق يطلقهن بغير سببٍ شرعيٍّ واضح ،  ثم يُعلل ذلك بقوله : "ولكنِّي رجلٌ مطلاق" ؟! .  

ثالثاً : على فرض ثبوت ذلك عنه (أعني : المغيرة _رضى الله عنه_) ، فهل الصحابة _رضوان الله عليهم _ معصومون ؟ . الجواب : لا ، ولقد عُقد إجماع أهل العلم على ذلك ، لذا ، لا ينبغي أبداً ، أن يقلد أحدٌ من الناس المغيرة فيما فعل _هذا إن صحَّ عنه _ ، لأنه ليس من هدي المصطفى _صلوات الله وسلامه عليه _ ، ولا من هدي أصحابه _رضوان الله عليهم جميعاً_، أن يطلقوا النسوة من دون سببٍ شرعيٍّ واضح ، كوضوح الشمس في رابعة النهار ، بل قد ورد عن النبي _صلى الله عليه وسلم _ خلاف ذلك ، وذم التعجل في الإقدام عليه .

 فقد روى الإمام أحمد في "مسنده " (22/275 رقم 14377) بإسنادٍ صحيحٍ عن جابرٍ _رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: " إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلةً ؛ أعظمهم فتنةً ، يجيء أحدهم ، فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئاً ، قال : ويجيء أحدهم ، فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال: فيدنيه منه - أو قال: فيلتزمه - ويقول: نعم أنت أنت " .

فأقول _والله أعلم _ أنه لا يليقُ برجلٍ تخرَّج من مدرسة النبوة ، أن يصدر منه مثل ذلك ، وهو يعلمه ، فكيف ذلك وهو لم يصحْ عنه ؟ : (أعني : المغيرة _رضى الله عنه_) !! .

بطولات ابن تيمية في جهاد أعداء الإسلام [سلطان العُميري].

فحين دخل التتار بلاد المسلمين لم يتردد العلماء ومنهم ابن تيمية في وجوب محاربتهم والتصدي لهم , بل ابن تيمية يؤكد ذلك الوجوب , ويقول :"قتال هؤلاء واجب بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق المسلمين" ثم بين الأصول التي يقوم عليها ذلك الحكم , وجمع الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها في فتواه .



لازلت الأمة الإسلامية عبر تاريخها الطويل تتعرض للغزو والتخريب والتقتيل والنهب من أعدائها في الداخل وفي الخارج , وما زالت مشاهد الخراب في بلاد الإسلام تتكرر على مسامع المسلمين وأبصارهم .


وفي مقابل تلك المناظر المؤلمة والمشاهد المحزمة لا زالت أرحام نساء الأمة الإسلامية تنجب لنا الأبطال تلو الأبطال , وتخرج لنا أجيالا من الصادقين العاملين من جميع طبقات المجتمع , من الرجال والنساء والشباب والشيوخ .


وعلى مر تلك المصائب المدلهمة النازلة على الأمة الإسلامية كان للعلماء الصادقين العاملين دور كبير في تثبيت المسلمين وفي إزالة ما حلّ بهم , فبادروا إلى بيان المواقف الشرعية المتعلقة بتلك النوازل , وسعوا إلى تقوية جأش المسلمين , وتعبئة صفوف المجاهدين , وخاطبوا الأمراء والملوك ودعوهم إلى الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حياض المسلمين وألزموهم بذلك , ولم يكتفوا بمجرد التحريض والتشجيع , وإنما شارك كثير منهم في قتال الأعداء , وبذلوا أموالهم ونفوسهم رخيصة في سبيل الله , فمنهم من قضى نحبه وفاز بالشهادة في سبيل الله , ومنهم من لم يرزق الشهادة فبقي يعلم الناس ويدعوهم ويرشدهم .


ومن أولئك العلماء الصادقين المجاهدين بنفسه وماله وقلمه : العالم الجليل ابن تيمية , فقد كانت له مشاهد معلومة ومواقف عظيمة في جهاد التتار الذين غزوا بلاد المسلمين في زمانه , فخربوا وقتلوا ونهبوا وسرقوا , ويلخص ابن فضل العُمري ما حصل من ابن تيمية فيقول :"وحكي من شجاعته في مواقف الحرب نوبة شقحب ونوبة كسروان ما لم يُسمع إلا عن صناديد الرجال وأبطال اللقاء وأحلاس الحرب , تارة يباشر القتال , وتارة يحرض عليه , وركب البريد إلى مهنا بن عيسى واستحضره إلى الجهاد , وركب بعدها إلى السلطان واستنفره , وواجه بالكلام الغليظ أمراءه وعسكره , ولما جاء السلطان إلى شقحب لاقاه إلى قرن الحرة وجعل يشجعه ويثبته".


ولا بد من التأكيد على أن الاقتصار على مواقف ابن تيمية ليس المقصود منها التنكر لمواقف العلماء الآخرين ولا التقليل من شأنها , وإنما كان التركيز على مواقفه لكثرتها ولمناسبة كثير منها لما هو واقع في عصرنا ؛ ولأن لكلامه وتقريره ومواقفه تأثير بليغ على قطاع كبير من علماء المسلمين وشبابهم.


ابن تيمية يتوجه إلى الأمراء والملوك ويعظهم :


حين توجه غازان – أحد ملوك التتار الذين ادعوا الإسلام – إلى الشام وقصد غزوها توجه إليه ابن تيمية مع عدد من علماء المسلمين ووجهائهم يحذرونه من مغبة فعله , وكان مما قال له ابن تيمية :" أنت تزعم أنك مسلم ومعك مؤذنون وقاضٍ وإمام وشيخ على ما بلغنا , فغزوتنا وبلغت بلادنا على ماذا ؟! وأبوك وجدك هلاكو كانا كافرين وما غزوا بلاد الإسلام، بل عاهدوا قومنا، وأنت عاهدت فغدرت , وقلت فما وفيت" .


وحذره من قتل المسلمين وأخذ أموالهم , وحين قدّم لهم الطعام أبى ابن تيمية الأكل منه , فقيل له : ألا تأكل ؟! فقال : كيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتموه من أغنام المسلمين , وطبختموه بما قطعتموه من أشجارهم .


وكان في أثناء حديثه لغازان يرفع صوته ويقترب منه حتى كادت ركبته تلاصق ركبة السلطان يحذره ويخوفه , فخافه السلطان وأنصت له , وحين خرجوا منه عنده قال له أصحابه :" كدت تهلكنا وتهلك نفسك" .


هكذا يضرب ابن تيمية أروع الأمثلة في مواجهة الأمراء المستخفين بأموال المسلمين ودمائهم.


وحين تأخر سلطان مصر عن الخروج بالجيوش ضد التتار في الشام وتلكأ عن نصرة المسلمين توجه إليه ابن تيمية حتى وصل مصر واستحث السلطان ومن معه على القتال والجهاد في سبيل الله , وقال للسلطان عبارة قوية وصريحة جدا :" إن كنتم أعرضتهم عن الشام وحمايتها أقمنا سلطانا يحوطه ويحميه " .


وقال له في كلام صريح وواضح :" لو قُدر أنكم لستم حكام الشام وملوكه واستنصركم أهله وجب عليكم النصر , فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه؟!!" .


ولم يزل بهم يحثهم ويعظهم حتى خرجت جحافل جيوش المسلمين من مصر وتلاقت رايات المسلمين في الشام , "ففرح الناس فرحا شديدا بعد أن كانوا قد يئسوا من أنفسهم وأهليهم وأموالهم" .


وهنا يكشف ابن تيمية عن عمل عظيم من الأعمال التي يجب أن يقوم بها العلماء , وهو التأثير على الأمراء المترددين والمتخاذلين وإلزامهم بالدفاع عن بلاد المسلمين وتقديم مصلحة الإسلام على المصالح الشخصية , وأنه يجب أن تكون مواقف العلماء هي المؤثرة على قرارات السياسي وليست قراراته هي المؤثرة على مواقفهم .


ابن تيمية يحرض على الجهاد ضد الأعداء ويحث المسلمين عليه :


حين توجه التتار إلى بلاد المسلمين أقام ابن تيمية ميعادا سنة 697هـ للجهاد في سبيل الله حرض فيه وبالغ في أجور المجاهدين , وكان ميعادا حافلا جليلا , أشعل فيه روح الانتصار في نفوس المسلمين .


وحين انزعج الناس سنة 700 هـ من توجه التتار إلى بلاد الشام وأخذوا يبيعون متاعهم ويتأهبون للهرب , قام ابن تيمية بمجلسه في الجامع وحرض الناس على القتال وساق لهم الآيات والأحاديث الواردة في فضل الجهاد ووجوبه , ونهى عن الإسراع في الفرار ورغب في إنفاق أجرة الهرب في الجهاد , وأوجب جهاد التتار وألزم به .


وتوجه إلى العسكر القادم من حماة فاجتمع بهم , وحثهم وثبتهم ورفع من معنوياتهم , وبين الأجر العظيم الذي وُعدوا به.


وكان يذهب إلى المجاهدين في سبيل الله ويجتمع بهم كثيرا ويبيت عندهم ويعظهم ويقوي من جأشهم , ويعدهم بالنصر ويبشرهم الغنيمة ويذكر لهم ما ينتظرهم من الجزاء عند الله في الجنة , بل إنه في بعض المواقف يقسم لهم ويقول : والله إنكم منصورون , فيقولون له : قل : إن شاء الله , فيقول : إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا .


وابن تيمية في هذا الموقف يكشف لنا بأن الأدوار التي يقوم بها العلماء ليست منحصرة في جمع الأموال والتبرعات ولا في إلقاء الخطب والكلمات , وإنما هناك أعمال أخرى يحتاجها من هو في أرض الميدان , وهي تثبيت القلوب وتقوية العزائم ورفع المعنويات , وخير من يقوم بذلك هم العلماء , فالمجاهدون في الميدان يحتاجون إلى أن يكون العلماء بجوارهم وبقربهم ليدعموهم بالدعم المعنوي المساوي للدعم المالي والحسي .


ابن تيمية يبين بوضوح الموقف الشرعي في تلك النوازل :


بلغت الأمة الإسلامية في وقت غزو التتار لها مبلغا عظيما من الضعف والهوان والتفرق , وبات الأمراء والملوك يتقاسمونها فيما بينهم ويستحوذون على خيراتها ومقدراتها , وأضحى الناس مغلوبين على أمرهم وخاضعين لهوى من يحكم ويتأمر عليهم .


ومع ذلك فحين دخل التتار بلاد المسلمين لم يتردد العلماء ومنهم ابن تيمية في وجوب محاربتهم والتصدي لهم , بل ابن تيمية يؤكد ذلك الوجوب , ويقول :"قتال هؤلاء واجب بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق المسلمين" ثم بين الأصول التي يقوم عليها ذلك الحكم , وجمع الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها في فتواه .


وحين نزل الأعداء ببلاد المسلمين كتب كتبا كثيرة إلى أمراء المسلمين ومدائن الإسلام يحثهم فيها على الجهاد ويبين حقيقة الموقف الشرعي في تلك النوازل , وذكر أقسام الناس في تلك الفتنة فقال :" فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق: الطائفة المنصورة , وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين , والطائفة المخالفة , وهم هؤلاء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام , والطائفة المخذلة , وهم القاعدون عن جهادهم وإن كانوا صحيحي الإسلام , فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة".


وأشار إلى أهمية ولزوم الحفاظ على بلاد المسلمين وعلى مركزية الدولة الإسلامية , وأكد على أن أهل الشام ومصر في زمنه هم المقاتلون عن دين الإسلام وهم المدافعون عن حياضه , وأنهم أحق الناس دخولا في الطائفة المنصورة التي مدحها النبي صلى الله عليه وسلم , وبين أحوال المسلمين المزرية في بقاع الإسلام الأخرى : اليمن والحجاز والمغرب وأفريقيا , وأوضح ما فيها من الفساد والبعد عن الدين والوقوع في الشرك والمحرمات .


وأكد في كلام واضح جدا على أهمية ووجوب نصرة أهل الشام ومصر وعلى أن خذلانهم والتخلي عنهم من أعظم الخذلان للإسلام والمسلمين .


وفي أثناء غزو التتار لبلاد المسلمين وجهت إليه أسئلة متعددة عن تلك النازلة , ومن تلك الأسئلة سؤال مفصل يحكي شيئا مما وقع في ذلك الزمان مشابه لما يقع في زماننا هذا , فقال السائل :" ما تقول الفقهاء أئمة الدين  في هؤلاء التتار الذين قدموا سنة تسع وتسعين وستمائة وفعلوا ما اشتهر من قتل المسلمين وسبى بعض الذراري والنهب لمن وجدوه من المسلمين وهتكوا حرمات الدين من إذلال المسلمين وإهانة المساجد لاسيما بيت المقدس , وأفسدوا فيه , وأخذوا من أموال المسلمين وأموال بيت المال الحمل العظيم وأسروا من رجال المسلمين الجم الغفير وأخرجوهم من أوطانهم وادعوا مع ذلك التمسك بالشهادتين وادعوا تحريم قتال مقاتلهم لما زعموا من إتباع أصل الإسلام ولكونهم عفوا عن استئصال المسلمين فهل يجوز قتالهم أو يجب وأيما كان فمن أي الوجوه جوازه أو وجوبه أفتونا مأجورين".


فما كان من ابن تيمية إلا أن بين حكم الله في هذه القضية بكل وضوح وبين وجوب قتال هؤلاء وأن قتالهم ليس مما يقع فيه الخلاف بين المسلمين , وبين أنه يجب على أمراء المسلمين وغيرهم الوقوف ضد هؤلاء المعتدين ومحاربتهم وأكد على أن قتالهم من الجهاد في سيبل الله , وجمع النصوص الشرعية المتعلقة بالجهاد والمبينة لفضله وشرح وفصل وأصل وبين كثيرا من المسائل الشائكة المتعلقة بقتال أولئك الأعداء .


وابن تيمية في هذه المواقف يقوم بواجب من الواجبات المحتمة على العلماء في مثل هذه النوازل العظيمة النازلة بالأمة , فالأمة في مثل هذه الأحوال التي تسفك فيها الدماء وتنتهك فيها الأعراض وتقهر فيها النفوس وتسرق فيها الأموال وتخرب فيها الديار يحتاجون إلى مواقف واضحة من العلماء وجادة في بيان الحكم الشرعي , بحيث يكون فيها العلماء على قدر كبير من الشجاعة والوضوح والاتفاق والاستقلال الذاتي عن المؤثرات الخارجية فيبينون الموقف الشرعي ولو كان مخالفا لبعض السياسيات.


ابن تيمية يشارك في جهاد الأعداء بنفسه :


لم يكتف ابن تيمية بتلك المواقف الواضحة والبينة في مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين , وإنما جمع مع ذلك أن قام بالاشتراك بنفسه في الجهاد ضدهم وبذل ماله ونفسه في سبيل الله , فقد كان حاضرا في أرض الوغى ومقاتلا في سبيل الله مع المجاهدين , وكان يدور على المقاتلين يحثهم ويصبرهم ويعدهم بالنصر , "وكان هو وأخوه يصيحان بأعلى أصواتهما تحريضا على القتال وتخويفا للناس من الفرار".


وفي هذا المشهد يقف ابن تيمية العالم الجليل في مثل هذا الموقف وهو من أقوى ما يزيد من معنويات المجاهدين في سبيل الله ومن أشد ما يقوي من عزائمهم , وهذا يؤكد على ضرورة وجود العلماء المعروفين في صفوف القتال وفي أرض المعركة , فكما أن في ذلك أجرا وثوابا من عند الله ففي فوائد معنوية وقتالية للمجاهدين في سبيل الله.


ومن خلال هذا الاستعراض المختصر لجهد عالم واحد من علماء المسلمين في وقت الأزمات التي تمر بها الأمة الإسلامية ينكشف لنا أن الأدوار التي يمكن أن يقوم بها العلماء في نصرة المسلمين ورفع الظلم عنهم متعددة المشارب ومتكاثرة الجهات , فليس جهدهم منحصرا فقط في جمع الأموال ولا في إلقاء الخطب والكلمات المنكرة لما يحدث في بلاد المسلمين , فمع أن ذلك واجب وهو أمر مهم , إلا أن هناك أدوارا أخرى تنتظر من يقوم بها منهم , فهناك الدعم المعنوي والإيماني للمجاهدين وهناك التوجه نحو الأمراء والملوك وحثهم على الجهاد في سبيل الله وإلزامهم ذلك , بل وتهديدهم وتخويفهم إن لزم الأمر , لأن مصلحة المسلمين يجب أن تكون مقدمة على كل مصلحة أخرى.


وإذا كانت تلك الأدوار لا يمكن أن يقوم بها عالم واحد بمفرده فإنه يجب أن يتجمع من علماء المسلمين العدد الذي تتحقق به تلك الواجبات , ومتى ما فرطوا في ذلك ولم يحرصوا على تجميع العدد المجزئ في تحقيق تلك الواجبات فهم آثمون عند الله تعالى لأنهم فرطوا في أداء واجب محتم عليهم.


ومتى ما قام العلماء بواجبهم وحققوا الأدوار المتعلقة بهم فإنهم فضلا عما يكسبون من الأجر العظيم عند الله وعما يؤدونه من الأمانة المناطة بهم وعما في ذلك من نصرة الإسلام والمسلمين ... فضلا عن ذلك كله فإنهم سيكسبون قلوب المؤمنين ويستحوذون على حبهم وتقديرهم , وفي هذا أكبر نصر للدعوة الإسلامية , ولمذهب الحق الموافق للسنة , فنتيجة لما قام ابن تيمية من مواقف مشهودة أحبه الناس وتعلقوا به ومالوا إليه ودافعوا عنه وقبلوا دعوته ورضوا بتوجيهه لهم وإرشاده إياهم.

http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=2990&ct=24&ax=5

علشان تكون سلفي صميم .[المعنى السلفي المجني عليه]

علشان تكون سلفي صميم .[المعنى السلفي المجني عليه]
_________________________
تقصير القُمص _إطلاق اللحية_ قراءة كتيبات لبعض المعاصرين كــ(محمد بن عبد الوهاب _الألباني _ابن باز _ ابن عثيمين _مقبل بن هادي _ربيع المدخلي_ رسلان _الرضواني...) !
هذا ؛ مع الثرثرةِ ببعضِ المسائلِ ، التي صدِّعت بها رؤوسنا _ليل نهار_ ، والاحتباس في مساحةٍ من ضيقِ الأفقِ _من مسائل الشرع التي لا يُحسنون هضمها_ كــــ :"التبديع _ التكفير_ الخروج على الحكام _العذر بالجهل _الجهاد_ ...".

ومن ذكرتُ من المشايخ ؛ فهم فضلاء ، يأخذ منهم ويردُّ ؛ ولكن المشكلة تكمن في هؤلاء الأتباع الذين يُحلِّقون في سماءِ الوهمِ وضيقِ الأفقِ ، ظناً منهم أن هذه هي السلفية فعلاً ، أو أن هذه السلفية بمعناها الكامل والشامل..!!

هذا ؛ مع أن أكثرهم لا يجيد تلاوة كتاب رب العالمين ، ولم يطلع على شيءٍ معقولٍ من سنةِ النبي الأمين _صلواتُ الله وسلامه عليه_ ، ولم يعرف المسائل الفقهية المشهورة _التي لا يسع المسلم جهلها_ ، ولم يقرأ يوماً كتاباً كاملاً شاملاً في "معتقد السلف، أهل السنة والجماعة" ، ولا يجيدُ مخاطبةً أو كتابةً أو قراءةً ، إلَّا مقرونة بلحنٍ فاحشٍ ، أو خطأٍ قبيحٍ ، ولا يعرف شيئاً عن (البحث العلمي العقدي _الفقهي_ التفسيري...) ولا يستطيع أن يعدَ بعدد الأصابع مراجع ومصادر _سلفية_ معتمدة في كلِّ فنٍ من فنون الشريعة ...!

فيا صديقي ! هل ما زلتَ بعد هذه الحقيقة المرة ، التي أبنتُ لك عن طرفٍ منها ؛ تكابر وتعاند وتصرُّ على أنك سلفي صميم ، وغيرك مدرن مبتدع وبيأكل آيس كريم .................

هل أدركتَ يا صديقي ، أنك ما زلت في حاجةٍ إلى إشعال ثورةٍ جديدةٍ على هذا الجمود _في الفكر والاتباع_ (في القلب والعقل معاً) ، غضباً على ما مضى من حياتك في شباك الوهم والجهل ، والدعاوى التي لا قدم لها ولا ساق..!

قال تعالى :{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}.

ما هي أفضل طريقة لتخريج الأحاديث ، واستقصاء جميع الطرق ، ومعرفة مدار الإسناد ، وما هي كيفية عمل شجرة للإسناد ؟

سؤال لبعض إخواني وجوابه :
_________________________
ما هي أفضل طريقة لتخريج الأحاديث ، واستقصاء جميع الطرق ، ومعرفة مدار الإسناد ، وما هي كيفية عمل شجرة للإسناد ؟

الجواب : ما ذكرته ، موضحاً في كتب "التخريج ودراسة الأسانيد" ، فإذا كنت مبتدءً فعليك بالآتي _مستعيناً بالله_:
1-كتاب الشيخ بكر أبو زيد "التأصيل في علم التخريج" ، وكتاب"التخريج ودراسة الأسانيد" للشيخ الدكتور محمود الطحان ، وكتاب "التخريج ودراسة الأسانيد" لعماد جمعة ، و"التخريج ودراسة الأسانيد" للشيخ حاتم العوني.
2-عليك بكتب الشيخ عمرو عبد المنعم سليم في "التخريج ودراسة الأسانيد" و"علم الرجال" ، و"علم العلل" ، التي تعتني بالتطبيق العملي .
3-مطالعةٌ واسعةٌ لكتب التخريج ، مثل :"البدر المنير" لابن الملقن ، و"نصب الراية" للزيلعي ، و"التلخيص الحبير" لابن حجر ، و "الصحيحة والضعيفة" للشيخ الألباني ، و"مسند أحمد" بتخريج الشيخ شعيب ، و"تخريج سنن سعيد بن منصور" للشيخ سعد الحميد .
4-قراءةٌ لكتب العلل ، وأوسعها تفصيلاً : كتاب "العلل" للدار قطني.
5-دراسة كتب علم الجرح والتعديل ، مثل :"الشرح والتعليل لألفاظ الجرح والتعديل" لصديق يوسف ، وكتاب :"المغني في ألفاظ الجرح والتعديل" لمحمد ذاكر عباس ،"شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل" لأبي الحسن مصطفى بن إسماعيل ، و"مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة" لجمال أسطيري .
6-معرفة الطبعات التي عليها العزو ، وطرق العزو . وأفضل الطبعات لكتب دواوين السنة المسندة .
7-ولا يفوتك أن تلم بتواريخ المصنفين ومصنفاتهم ، لأنه مهم في العزو والبحث معاً ، وعند العزو للمصنفين عليك بالأقدم فيما يليه ، هذا أفضل .
8-ولا يفوتك أن تقرأ مقدمات الكتب ، وأن تحيط علماً بالمصنفات _جوامع ، مسانيد ، سنن ، المعاجم ، المصنفات ، الأجزاء _ ، ومناهج المصنفين ، حتى تكون على بيِّنةٍ بما أنت قادمٌ عليه ، فلا تخبط خبطاً عشواء ، ولا تركب متناً عمياء.
9-درب نفسك بعد _قطع شوطٍ لا بأس به فيما سلف_ ، أن تخرِّج بنفسك ، ثم تصوغ عملك صياغةً مرتبةً منسقة _مقلداً فيها الشيخ الألباني مثلاً_ ، ثم تعرض عملك على (عمل الشيخ الألباني) مثلاً . لتقيم عملك ، ومدى استيعابك ، ولتستدرك ما فاتك ، وتعالج ما شاب عملك من قصورٍ.
10- بعد قطع شوطٍ _لا بأس به فيما سلف_ ؛ عليك بعرض عملك على بعض المشايخ المتقنين ، فإلَّم يكن ، فبعض إخوانك من الباحثين الفاهمين


استشكالٌ وجوابه (إعمالُ قواعد الجرحِ والتعديلِ في مرويات الصحابة والتابعين):

 استشكالٌ وجوابه (إعمالُ قواعد الجرحِ والتعديلِ في مرويات الصحابة والتابعين):
___________________
(السائل) :"لكن يحزنني عدوى التصحيح والتضعيف لأسانيد حكاياتهم وآثارهم بما ليس له متعلق بالحلال او الحرام المهم التفتيش السندي لكل شي وهذا بظني هوس مابعده هوس بل هذا أسميه محاربة وعداء لرجال وأعلام ديننا..هل نحن بحاجة الى تصحيح الآثار ولو لأن في بعض رواتها كذابين تحت أساس:((مامصلحة هذا الراوي المتهم بالكذب لأن يكذب بهذا الخبر او ذاك".
______________________
الجواب : هذا كلامٌ غير صحيحٍ البتة ، ولا يقوم على قدمٍ ولا ساقٍ .
واسمح لي ببعض الملاحظات ، بارك الله فيك :
1-زعمت (عدوى التصحيح والتضعيف)، وهذا فيه غمزٌ لأعلام هذه الصنعة من المحدثين ، والباحثين في هذا العلم العظيم ، من القرن الأول إلى قرننا هذا ، فكيف توصف ، المنهجية العلمية الرصينة ، عند أهل الاختصاص والشأن ، بأنها :(عدوى) ؟!.

2-زعمت(أن هذه الآثار ليس لها متعلق بالحلال والحرام) ! وأنا أجيبك : أن الدين كله سواء ، قائمٌ على قدمٍ وساقٍ _كما قال الشوكاني وغيره_، لأنه إن لم يك في (الأحكام) ، فسيكون في (العقائد) وهي تعلو الأولى في الرتبة والمنزلة ، لأنها تتعلق (بحق الله رب العالمين، وتوحيده ، ومتعلقات الإيمان به وبرسله ، وبغيره من جنس الأمور الغيبات) .
وإن كنت تقصد :(الترغيب والترهيب ، وفضائل الأعمال) ، فالعلماء يحذون فيها بضوابط رصينة ، لا تخرج عن إطار الثبوت والاحتجاج بآثارٍ صحيحةٍ _في الجملة_ وهذا محل اتقاقٍ بينهم _أعني: المحدثين_.

3-زعمت أن هذا :(هوس) ، فأقول لك أخي الكريم : اتقي الله ، فأنت من حيث لا تدري ! قذفت أعلام المحدثين وأهله ، على مدار قرونٍ مديدةٍ ، بأن ما سلكوه هذا ؛ (هوس) ، وهذه جرأةٌ عجيبةٌ منك !
4-زعمت قائلاً :(هل نحن في حاجةٍ إلى تصحيح مثل هذه الآثار، ولو في أسانيدها رواةٌ كذابون) ! نعم نحن في حاجةٍ فرضيةٍ وجوبية إلى مثل هذا ، فهذا أمرٌ ، يفرضه العلم ، ويوجبه الشرع .
أما قولك :(ولو رواتها كذَّابون متهمون) ! نعم ، لأن النبي _صلى الله عليه وسلم _ قال _في الحديث المتواتر_ :"من كذب عليَّ متعمداً ؛ فليتبوأ مقعده من النار" ، وفي رواية :"من قال عنِّي ما لم أقل ؛ فليلج النار" .

كذا أيضاً ، ينبغي علينا إعمال القواعد فيما ينقل عن الصحب الكرام ، والتابعين وغيرهم من الأعلام لأمرين :
الأول : لأن الصحابة رضوان الله عليهم ، والتابعين ، أقوالهم يفهم بها الشرع ، ويحتج بمجموعها واتفاقها . وإجمالاً أقوالهم لها مكانةٌ عظيمةٌ في الاحتجاج ، ونفوس المحتجين معاً.

ثانياً : لا ينبغي أن ينسب إلى قائلٍ قولاً لم يقله ، وهو أن كان أقل خطورة وحرمة في (التساهل في النقل عن الجناب النبوي) ؛ إلَّا أنه لا تقل أهمية ثبوت أقوالهم عموماً _أي : الصحابة والتابعون_ ، في دروب الشريعة وعلومها ، في الاحتجاج ، والفصل في النزاع ، وضبط المفاهيم ، وهذا كله ، يحتاج إلى صحة الإسناد أولاً ، ثم الاستدلال بالقول ثانياً ، وإلَّا يعد خرقاً لمنهجية البحث العلمي الشرعي الرصين.

ثم لا بأس أن يُتساهل في النقل عنهم _نحو ما ذكرت_ [أي : في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال] ، ولكن لا يصل الأمر إلى التساهل في النقل ، حتى عن الكذابين والوضاعين والمتهمين ، وسائر هؤلاء الحمقى والمغفلين ، بل تقبل أقوالهم _ في رأيي_ ، عند إنزالها منزلة العمل بالحديث الضعيف عند الجمهور بشروطه المشهورة ، هذا مع بيان درجة الإسناد على الراجح.

وفي عجالةٍ _أخي الطيب_ أنصحك بمطالعة "مقدمة الإمام مسلم" فهي نافعةٌ شافيةٌ ، كاشفةٌ لهذه الحجب ، بإذن الله تعالى.

واعتذر عن (التوسع) قليلاً ، ولكن أردت أن تكتمل الصورة ، والله المستعان.

[التدليسُ والتلفيقُ بين الإشرافِ والتحقيق]

 [التدليسُ والتلفيقُ بين الإشرافِ والتحقيق]
_________________________________
فُجئِتُ _اليوم_ بأحد الإخوة ، الذين أعرفهم ، يسطرُ عنواناً عريضاً :(الإنتاج العلمي للشيخ .. يعني نفسه) ، ثم أخذ في عدِّها كتاباً كتاباً ! وهذا الأخ _أصلح الله حاله_ ، أعلم أن بعضاً من هذا الإنتاج _زعماً_ ، ليس من عمله وجهده ؛ ولكنَّه أشرف عليه فحسب ، ثم دفع لبعض الإخوة _العاملين معه_ دراهم معدوداتٍ !

والأمرُ العظيمُ : هو أنه أخذ جهودَ الإخوةِ ، وذكر نفسه محققاً لها ، رغم أنه لم يفعل شيئاً ، يستحلُّ به معنى التحقيق عند أهله وقومه ، ولكن قبح الله (السارقين لجهود الناس ، المتشبعين بما لم يُعطو تعالماً) !

وكان أحد إخواني الكرام _ عبد العظيم صقر_ ، قد عاد يوماً مغضباً من صنيع هذا المُدلسِ !. فقلتُ له ما جرى ؟! فأخذ يحدثني بما جرى ، فإليكم ما سطرته يداه من المأساة التي يعاني منها تراثنا العظيم ، على يد هؤلاء البطَّالين المتعالمين المُدلسين :
[التدليس و التلفيق بين الإشراف و التحقيق. تأليف عبد العظيم صقر].
https://www.facebook.com/download/413945935371371/

وجهة نظر في كون الاجتهاد يتجزأ..(أبــو مالــــك العـــــوضـــي)


وجهة نظر في كون الاجتهاد يتجزأ..(أبــو مالــــك العـــــوضـــي)
_____________________________________________

يقول بعض أهل العلم: إن الاجتهاد يتجزأ.

ويفهم كثير من الناس من هذه المقولة أن الإنسان يمكنه أن يكون مجتهدا في علم واحد من العلوم، وكذلك في باب واحد من أبواب العلم، بل فهم بعضهم أن الإنسان يمكنه أن يكون مجتهدا في مسألة واحدة من مسائل العلم!
ويحتجون على ذلك بأشياء منها حديث (أفرضكم زيد، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ ... إلخ).

والذي أريد أن أشير إليه في هذه المشاركة أن تجزؤ الاجتهاد ينبغي أن نفهمه فهما صحيحا حتى لا يُفتح الباب على مصراعيه، فنرى كثيرا مما نراه من الانحراف في الفهم عند بعض طلبة العلم.

فالملاحظ أن الإنسان في ابتداء عمره، وفي شِرَّة طلبه للعلم، ومع فَوْرة الشباب ونشاط الصبا؛ تراه يتطلع إلى مُنازَلة الفحول، ومقارَعة الصخور!
ثم لعله يقرأ ما سَطَّره أهل العلم من ذم التقليد وأنه لا فرق بين مقلد وبهيمة، فيقول في نفسه: (لا أقبل أن أكون مقلدا فأشابه البهيمة؛ ومن ثم فلا بد أن أجتهد ولو في مسألة واحدة لأن أهل العلم قالوا: إن الاجتهاد يتجزأ)!

والذي يظهر لي – والله تعالى أعلم – أن تجزؤ الاجتهاد المقصود عند أهل العلم إنما يكون لمن حصَّل جملة لا بأس بها من مسائل العلم الأساسية في كل الفنون اللازمة للاستنباط.

فلا يُتصوَّر مثلا أن يجتهد أحدٌ في مسألة فقهية وهو لا يعرف مبادئ علم الفقه ومسائله المشهورة.
وكذلك فالاجتهاد في هذه المسألة يقتضي أن يكون على دراية بأصول الفقه التي ينبني عليها ترجيح قول على قول؛ والعلم بمسألة واحدة من مسائل الأصول أو حتى عشر مسائل لا تكفي ليقال عن رجل بأنه على علم بالأصول، وعليه فلا يمكنه أن يستنبط إن كان جاهلا بمعظم مسائل الأصول.
وكذلك يلزم هذا الذي يريد أن يجتهد في مسألة واحدة أن يكون لديه من الأصول اللغوية جملة وافرة تساعده على هذا الاجتهاد؛ لأنه إن كان جاهلا بالنحو أو الصرف أو البلاغة أو متن اللغة أو مهيع كلام العرب فإنه لا يصلح أن يجتهد ولا حتى في مسألة واحدة.
وكذلك يلزم هذا الذي يريد أن يجتهد في هذه المسألة الواحدة أن يكون على دراية بأصول الحديث؛ لأن المسألة الفقهية غالبا ما تكون مبنية على نصوص حديثية، ومن ثم فيلزمه أن يكون ملما على الأقل بالأصول العامة التي تمكنه من تمييز الصحيح من الضعيف أو على الأقل يكون عنده قدر من العلم يمكنه من استخراج ما يحتاجه من مظانه، أما أن يكون جاهلا جهلا تاما بعلم الحديث ويقول: هذه مسألة فقهية لا تعلق للحديث بها فهذا كلام واضح البطلان.
وكذلك يلزم هذا الذي يريد أن يجتهد في هذه المسألة الواحدة أن يكون على دراية بأصول التفسير وكذلك علوم القرآن؛ لأن المسائل الفقهية كثيرا ما تكون معتمدة على نصوص قرآنية، فإذا لم يكن لديه علم البتة بشيء ولو قليل من أساسيات علوم القرآن فكيف يستطيع أن يدعي أنه يفهم القرآن فهما صحيحا؟
وكذلك يلزم هذا الذي يريد أن يجتهد في هذه المسألة الواحدة أن يكون على دراية ولو قليلة بمنهج السلف الصالح والأئمة الأعلام في الإجماع والخلاف؛ كما قال الشافعي رحمه الله تعالى: من لم يعرف الخلاف فلم يشام رائحة الفقه!
فكيف نتصور أن يصير الإنسان فقيها وهو لم يدرس شيئا من مسائل الفقه، ولم يطلع على اختلاف العلماء ومناقشاتهم، ولم يتبصر في مناظراتهم واستدلالاتهم؟!

والعلوم كلها إما عقلية وإما نقلية وإما مركب من هذين.

والسلف لم يكونوا يدرسون العلوم العقلية استقلالا؛ ولكن كثرة مدارستهم للعلوم النقلية كان يعطيهم ملكة عقلية ومقدرة استنباطية تمكنهم من الاجتهاد، بل كانوا أصح نظرا وأعمق فهما من كثير من المتأخرين.
والمتأخرون يسَّروا هذا على المتعلمين، وذللوا طرق الطلب بوضع وتأصيل العلوم العقلية، وجمع العلوم النقلية في أصول كلية أغلبية.
فمن لم يدرس العلوم العقلية على طريقة المتأخرين، ولا اطلع على منهج السلف الصالح في دراسة العلوم النقلية، فكيف نظن أنه يمكن أن يصير فقيها يستطيع الاستنباط والاجتهاد؟

خلاصة ما أريد قوله أن تجزؤ الاجتهاد ليس كما يفهمه كثير من المعاصرين
وذلك بأن (يأتي على مجموعة من الكتب التي بحثت مسألة من المسائل وينظر فيها؛ ثم يحاول أن يرجح قولا على قول)، وهو أصلا ليس بذي خبرة في العلوم الشرعية الأساسية لطالب العلم، بل قصارى أمره أن يكون درس مختصرا في علم الحديث أو اطلع على نتف من مسائل الفقه في نيل الأوطار أو المحلى.
وورد عن علي بن أبي طالب أنه رأى رجلا يقص في المسجد فقال: أتعلم الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا ، قال: هلكت وأهلكت!
والمتقدمون من أهل العلم كانوا يطلقون (الناسخ والمنسوخ) على ما يشبه علم أصول الفقه عند المتأخرين، ولا يقصدون به النسخ الاصطلاحي، بل يشمل عندهم المطلق والمقيد والعام والخاص ونحو ذلك، ولذلك كانوا يطلقون النسخ على أشباه هذه المسائل.
فمن لم يعرف الأصول لم يستطع الوصول!
والمتمكنون من السلف كانوا يتحرجون من الفتوى خاصة في غير تخصصهم:
فكان الإمام أحمد إذا سئل عن لفظة غريبة في الحديث يقول: سلوا أهل الغريب!
وكان الأصمعي إذا سئل عن معنى حديث يقول: أنا لا أشرح الحديث، ولكن العرب تزعم كذا!

فإذا كان الفحول يتحرجون هذا التحرج ويتأخرون هذا التأخر؛ أفلا يليق بنا أن نقتدي بهم، ونهتدي بهديهم؟!

أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي
 

مع الشيعة الإماميةِ في الأُصول [الإمامة_العصمة_الصحابة] بدر باقر.

مع الشيعة الإماميةِ في الأُصول [الإمامة_العصمة_الصحابة] بدر باقر.

 "غزو الشيعة"، كلمة كثيرًا ما تطرق مسامعنا هذه الأيام، فوجب بيان ما المقصود بالشيعة، والخطر الذي جعل دخول التشيع إلى أرض بمثابة الغزو لها! قال ابن فارس رحمه الله: (الشين والياء والعين) أصلان يدل أحدهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بث وإشادة. [مقاييس اللغة لابن فارس (3/235)] وبتأمل المعنى اللغوي يمكننا استيعاب لفظة (شيعي) بجميع إطلاقاتها عند السلف والتي أُطلقت بإرادة التصنيف والتمييز. فهي تارة دالة باعتبار الأصل اللغوي الأول فيقصد بها بيان النصرة كما في قولهم: "شيعة علي وشيعة معاوية"، والغرض من استعمال اللفظة هنا = التمييز بين أنصار علي وأنصار معاوية في تلكم الحرب مع قطع النظر عن أي اعتبارات أخرى. وتارة تُستعمل باعتبار الأصل اللغوي الثاني فيقصد بها الإشادة والتفضيل = فيوصف بها كل من فضَّل عليًّا على أحد الثلاثة الذين سبقوه بالخلافة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وصدق الوصف باعتباره اللغوي على فرد أو جماعة لا يستلزم صدقه باعتباره الاصطلاحي، والذي يقصد به تمييز كل من خرج من دائرة أهل السنة بمعناها الأعم. والخروج من دائرة أهل السنة -بأوسع نطاقاتها- إلى دائرة التشيع يكون بتفضيل علي رضي الله تعالى عنه على الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر حصرًا، أما تفضيله على عثمان أو من سواه من صحابة النبي صلى الله عليه وسلـم =يبقي صاحبه في دائرة أهل السنة على الصحيح. وعليه نخلص بأن التشيع -بمعناه الذي اصطلحت عليه كتب الفرق- يشترك أهله في تفضيل علي رضي الله تعالى على الشيخين رضي الله تعالى عنهما، وبضميمة عقائدهم الأخرى يكون امتيازهم فيما بينهم؛ فمنهم من غلا في التشيع بأن بلغ بعلي رضي الله تعالى عنه رتبة الألوهية كالسبئية -وهؤلاء خرجوا من دائرة الإسلام لا من دائرة السنة فحسب-، وأقلهم شططًا وأدناهم إلى أهل السنة من فضَّل عليًّا رضي الله تعالى عنه وضم إليه توقير الصحابة جملة كمعظم الزيدية. ومن يهمنا اليوم من طوائف الشيعة هي الطائفة المسماة بالاثني عشرية؛ وقد لقبوا بذلك لاعتقادهم بإمامة اثني عشر إمامًا [هم علي والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ومحمد بن الحسن وهو المهدي المنتظر في الاعتقاد الإمامي]، والاثنا عشرية -من حيث الجملة- يقبعون في الوسط على مقياس الغلو في التشيع، ويدور حديثنا حول أهم الأصول التي خالف بها الاثنا عشرية أهلَ السنة، وما سنذكره يصلح كتوصيف للشيعي كما ينبغي أن يكون بحسب ما يقرره أساطين المذهب، وفي أفرادهم تفاوت في التزام ذلك إفراطًا وتفريطًا. وسنقتصر على ثلاثة أصول رئيسة امتازت بها الاثنا عشرية عن غيرها: 1- الإمامة: تتفق الفرق الإسلامية على ضرورة إرسال الأنبياء فتقام بهم الحجة وتستقيم ببعثتهم أمور الدين والدنيا، وليست الإمامية في ذلك بدعًا، إلا أنهم أوجبوا على الله -من باب اللطف- تعيين إمام مخول بإتمام ما بلَّغت به الأنبياء وتكون إليه رياسة الدين والدنيا بعدهم، ولا تستقيم الدنيا ولا تستكمل الأديان إلا بالإمامة إلهية المصدر؛ فالإمامة عندهم "منصب إلهي مقدس لا يتحقق لأحد إلا بنص من الله تعالى، أو من نبيه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى". [دلائل الامامة، ص18] ومقتضى المصدرية الإلهية للإمامة ألا يكون للبشر أدنى حرية في اختيار إمامهم؛ فكما أن الله تعالى يصطفي الأنبياء فكذلك الأئمة، وقد نص علماؤهم على ذلك صراحة فيقول الشيخ محمد رضا المظفر: "نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق؛ فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديًا ومرشدًا لعامة البشر؛ كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه؛ لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله ولا يعين إلا بتعيينه". [عقائد الإمامية، ص74]. وينسب علي الميلاني -أحد علماء الإمامية المعاصرين- ذلك المعتقد للإمامية عمومًا فيقول: "إن مذهب أصحابنا أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، وطريق تعيين الإمام هو النص أو ما يقوم مقامه لا غير؛ فكل ما يعتبر في النبوة معتبر في الإمامة، وكل ما ليس بمعتبر في النبوة فليس معتبرًا في الإمامة، وكما أن النبي ليس بمجتهد بل هو مبلغ لما أمره الله تعالى بإبلاغه بالوحي كذلك الإمام فهو مبلغ لما أخذه وتعلمه من النبي". [الإمامة في أهم الكتب الكلامية، ص49] وبما أن المعتبر في الإمامة معتبر في النبوة = فينبغي عقلًا أن تشغل ذات الحيز التي تشغله النبوة كأصل من أصول الإيمان، ولم يخيب علماء الشيعة التوقعات، فها هو محمد حسين آل كاشف الغطاء وبعد سرده الأصول الأربعة التي ينبغي اعتقادها يتبع ذلك بقوله: "لكن الشيعة الإمامية زادوا (ركنًا خامسًا) وهو: الاعتقاد بالإمامة. يعني أن يعتقد: أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة...". [أصل الشيعة وأصولها، ص211] ولأن الغلو لا ينتهي إلى غاية، لم يكتف الإمامية بأن جعلوا الإمامة قرينة للنبوة بلا دليل شرعي ناهض، بل قالوا بتفضيلها على النبوة، فيقول المجلسي: "انعقاد الإجماع على كون النبي أفضل ممن ليس بنبي مطلقًا ممنوع، كيف وأكثر علماء الإمامية بل كلهم قائلون بأن أئمتنا عليهم السلام أفضل من سائر الأنبياء سوى نبينا صلى الله عليه وآله". [بحار الأنوار (21/284)] وفي ذات السياق يقول آية الله السيد كاظم الحائري: "إن الذي يبدو من الروايات أن مقام الإمامة فوق المقامات الأخرى -ما عدا مقام الربوبية قطعًا- التي يمكن أن يصل إليها الإنسان". [الإمامة وقيادة المجتمع، ص26]، كما يقول آية الله الشيخ محمد المحمدي الريشهري: "إن أعلى درجات الولاية هي أعلى درجات الإمامة والقيادة في الإنسان الكامل، وقد عدها الكلام الإلهي أعلى من النبوة أيضًا". [القيادة في الإسلام، ص78]، ومن النصوص المأثورة عن الخميني قوله: "وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل". [الحكومة الإسلامية ص52] ولم يكتف علماؤهم بتفضيل الإمامة على النبوة؛ بل عدُّوا الإمامة "أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين".[منهاج الكرامة ص29] كما صرح به علامتهم ابن المطهر الحلي. ورغم تقريرهم للتباين بين الإمامة والنبوة وتفوق الأولى على الأخيرة في الرتبة والمنزلة؛ فقد حار علماؤهم واضطرب مفكروهم في استنباط ضابط يصلح للتفريق بينهما، فتقرأ الصفحات الطويلة والتي يقصد كتَّابها تحرير الفرق بين الرتبتين، ثم لا تخرج منها بفرق يذكر، فكل ما يذكر للتفريق (كالوحي، والتشريع، والقيادة إلخ) = تبطله النصوص المنقولة عن الأئمة، وهو ما صرح به علامتهم محمد باقر المجلسي فقال: "استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال وكذا الجمع بينها مشكل جدًّا .. وبالجملة لا بد لنا من الإذعان بعدم كونهم عليهم السلام أنبياء وبأنهم أشرف وأفضل من غير نبينا صلى الله عليه وسـلم من الأنبياء والأوصياء، ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية جلالة خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا إلى فرق بيِّن بين النبوة والإمامة، وما دلت عليه الأخبار فقد عرفته، والله تعالى يعلم حقائق أحوالهم صلوات الله عليهم أجمعين". [بحار الأنوار (26/82)] فغاية ما حصله المجلسي عبر النظر في الأخبار أن تجريدهم من وصف النبوة هو لرعاية جلالة خاتم الأنبياء لا أكثر! 2- العصمة: غلو الإمامية في التفضيل هو ما بدأ به انفصالهم عن أهل السنة، ومنه تفرعت سائر عقائدهم، وينبغي أن يفهم القارئ في التراث الإمامي أن الطبيعة الإمامية لا تقبل إلا بالتفضيل المطلق من كل وجه، فلا تقبل بمجرد التفضيل الذي يمكن معه مشاركة المفضول للفاضل، بل ينبغي أن يكون الاشتراك ممتنعًا من كل وجه، وعليه كان استحقاق الإمامة بالنص الإلهي، ومنه تفرع القول بالعصمة المطلقة للأئمة. فيقول محمد رضا المظفر: "ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصومًا من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمدًا وسهوًا، كما يجب أن يكون معصومًا من السهو والخطأ والنسيان". [عقائد الإمامية للمظفر ص67] لاحظ قوله: "من سن الطفولة إلى الموت"، فالنفسية الشيعية تصر على تفرد الإمام من كل وجه، فحتى طفولتهم ليست كطفولة غيرهم! ويقول المجلسي: "اعلم بأن الإمامية رضي الله عنهم اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب صغيرها وكبيرها، فلا يقع منهم ذنب أصلًا لا عمدًا ولا نسيانًا ولا لخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه..". ويجعل الإمامية العصمة لازمة للإمامة؛ فكل إمام معصوم "لأنه لو ثبت إمام وهو غير معصوم لنال عهد الله تعالى ظالمًا". [كتاب الألفين للعلامة الحلي ص403] ويقبل الشيعة القول بعصمة من ليس بنبي ولا إمام، كما قالوا بعصمة فاطمة رضي الله تعالى عنها. 3- الموقف من الصحابة: عصمة، ومنصب إلهي، وأفضلية مطلقة لعلي رضي الله تعالى عنه، عقائد لا تجد لها أثرًا على فعل صحابة نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم، فهم استقروا على أبي بكر الصديق خليفةً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلـم، فقلدوه أمرهم وأذعنوا له بالطاعة، وبعده عمر، وبعد عمر عثمان؛ فكان فعل الصحابة إشكالًا يعصف بعقيدة الشيعة، فإما -والحال كذلك- أن يتخلى الشيعة عن معتقدهم أو عن الصحابة، فاختار الشيعة الإبقاء على معتقدهم، وأوجبوا استحقاق الصحابة للذم واللعن لغصبهم حق الإمام الشرعي، ولم ينج من لعنات الشيعة سوى: أ‌- _ قلة قليلة من المهاجرين والأنصار، لا يتجاوزون -بأحسن الأحوال- أصابع الكفين، والمشهور أنهم أربعة، وهم: سلمان الفارسي، المقداد بن الأسود، أبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحتى هؤلاء الأربعة لم يسلموا من الغمز فبحسب ما يقرره الشيعة لم يكن التسليم المطلق إلا من المقداد، أما الثلاثة فقد ظهرت منهم مخالفات تقدح فيهم، أشدها تلكؤ عمار وتردده في قبول أمر الله في الإمامة ثم رجوعه إلى الإقرار بها بعد ذلك! [بحار الأنوار (22/440)] ب‌- _ مانعو الزكاة: وكان ذلك مخرجًا أوجدوه لعدم قبول العقل تخلي جميع الصحابة عن الإمام المنصَّب من الله، وجنوحهم إلى إمامة رجل لا مصلحة لهم في إمامته ولا سلطان له عليهم، فلجئوا إلى أسطورة خلاصتها أن منع الزكاة لم يكن إلا رفضًا لإمامة الصديق رضي الله عنه، ورغبة لتسليم الأموال للوصي الشرعي لرسول الله صلى الله عليه وسـلم. ولذلك تجد من الشيعة من يعترض على مصطلح: "حروب الردة"، فيقول السيد المرعشي: " ما ذكره في الوجه الثاني من المقام الثاني من أن أبا بكر هو الذي تولى محاربة المرتدين غير مُسلَّم، وما شرحه سابقًا مما لا ينشرح به صدر من له قلب، وذلك لأنا لا نسلم أن الذين ارتكب أبو بكر قتالهم كانوا من أهل الردة لما سبق من أن من عدهم أبو بكر وأصحابه من أهل الردة كانوا قسمين، قسم لم يؤمن قط كأصحاب مسيلمة وسجاح فهؤلاء كانوا كفارًا حربيين لم يسلموا قط؛ فإطلاق الارتداد عليهم مخالف للعرف واللغة، والثاني قوم منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلي أبي بكر وفرقوها على فقراء قومهم لاعتقادهم عدم استحقاق أبي بكر للخلافة وأن المنصوص عليه هو علي (ع)". [شرح إحقاق الحق (3/212)] وبنفي حروب الردة يتخلص الشيعة من فضيلة للصديق ويوجدون لمعتقدهم موطئ قدم بين سلف الأمة! وكما أن التفضيل عند الشيعة مطلق من كل وجه، فكذلك الذم والانتقاص لخصوم الأئمة -بزعمهم- ؛ فنسبوا للصحابة كل نقيصة، فمجرد الطعن في الدين لا يروي ظمأ الشيعي ولا يشفي غليله، فبعد الحكم بردة الصحابة "كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة". [الكافي (8/246)] وكفر من أحبهم، كقولهم عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: "كافران كافر من أحبهما". [بحار الأنوار (69/137)] تجاوزوا ذلك إلى القدح في أعراضهم وثلبها بما لا يصدر من إنسان سوي فضلًا عن مؤمن، فضلًا عن عالم دين! ومثال ذلك ما ذكره الخواجوئي في نسب عمر رضي الله تعالى عنه؛ إذ جعله نتاج فاحشة مركبة فقال: "نسب عمر: عمر بن خطاب بن نفيل بن صهاك. من قِبل الأب، ومن جانب الأم: ابن خيثمة بنت خطاب بن نفيل بن صهاك هكذا : من جده خاله ووالده * وأمه أخته وعمته أجدر أن يبغض الوصي وأن * ينقض يوم الغدير بيعته بيانه : أن الخطاب هذا أبو عمر وهو ظاهر، وجده لأنه أبو أمه خيثمة، وخاله لأنه أخو أمه خيثمة لأمها، وخيثمة هذه أم عمر لأنه ولدها، وأخته لأبيه لأنها بنت الخطاب، وعمته لأنها أخت أبيه الخطاب". [جامع الشتات ص193]. ولم ينج عرض نبينا صلى الله عليه وسـلم فجعلوه غرضًا لسهامهم = فاتفقت الإمامية على ذم بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلـم ولعنهم، ومنهم من جاوز ذلك إلى نسبة الفاحشة إليهن؛ كقول محمد جميل حمود العاملي: "إطباق الأخبار على صدور الفاحشة من بعضهن"! [خيانة عائشة بين الاستحالة والواقع ص 63] وبعد كل ما سبق أوجب الشيعة لعن الصحابة رضوان الله تعالى عليه، ونسبوا لأئمتهم ترغيب "الشيعة في لعن أعداء أهل البيت بأسمائهم، وذكروا للعنهم ثوابًا عظيما". [الأربعين لمحمد طاهر القمي الشيرازي ص 633] وحضًّا على اللعن فضلوه على الصلاة على النبي وآله! [مجمع النورين لأبي الحسين المرندي ص208] وعلل الشيخ علي الكوراني ذلك قائلًا: "فإن لعن أعداء محمد وآله أفضل من الصلاة عليهم صلى الله عليه وآله؛ لأنه مقدمة لولايتهم ومودتهم، والدعاء لهم والصلاة عليهم". [جواهر التاريخ لعلي الكوراني العاملي ( 2/484)] فيظهر مما سبق خطر التشيع الاثني عشري على دين المرء وأخلاقه وفكره. اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه عليه، اللهم فرده إلى الحق ردًّا جميلًا حتى يكون من أهله. المصدر: "مجلة الشريعة"(ص:48).

أقوال ُ العلماء في صفة التيمم :


أقوال ُ العلماء في صفة التيمم :
_____________________________
"واختلف العلماء في صفة التيمم على أقوالٍ :
أحدها : أنه ضربةٌ واحدةٌ ، وعليه بوب البخاري ، وهو أصح من رواية ضربتين ، كما سلف.

وثانيها : أنه ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين ، روي عن هذا ع ن ابن عمر والشعبي والحسن ، وهو قول مالكٍ والثوري ، والليث ، وأبي حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي ، وذكره الطحاوي عن الأوزاعي .
وهؤلاء كلهم لا يجزئه عندهم المسح دون المرفقين ، إلا مالكاً ، فإن الفرض عنده إلى الكوعين .
وروي عن علي مثل هذا : ضربةٌ للوجه ، وضربةٌ لليدين إلى الكوعين ، وهذا قولٌ ثالث.

الرابع : أنه ضربتان يمسح بكل ضربةٍ منهما وجهه وذراعية ، إلى مرفقيه ، وهذا قول ابن أبي ليلى ، والحسن بن حي.

الخامس : أنه ضربةٌ واحدةٌ للوجه والكفين إلى الكوعين ، روي هذا عن عطاء ، ومكحول ، ورواية عن الشعبي ، وهو قول الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، واختاره ابن المنذر .
وروى ابن القاسم عن مالكٍ : إن المسح وجهه ويديه ، بضربةٍ واحدةٍ ، أرجو أن تجزئه ، ولا إعادة عليه . الاختيار عنده ضربتان.

وحجةُ من جعله إلى المرفقين ؛ القياس على الوضوء ، وابتغوا فعل ابن عمر ، وقد روي من حديث ابن عمر مرفوعاً ، صححه الحاكم.
وقالوا : لما كان غسل الوجه بالماء ، غير غسل اليدين ، فكذلك يجب أن تكون الضربة للوجه في التيمم ، غير الضربة لليدين .

والقولُ الرابعُ ؛ شاذٌّ لا سلف له فيه ، وأصح ما في حديث عمار ؛ أنه ضرب ضربةً واحدةً ، لكفيه ووجهه . رواه الثوري وأبو معاوية ، وجماعة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل . وسائر أحاديث عمار مختلفٌ فيها .

وفي المسألة قولٌ سادسٌ غريبٌ : أنه يضربُ أربع ضربات : ضربتان للوجه ، وضربتان لليدين ، حكان ابن بزيزة في "شرح أحكام عبد الحق" ، ثم قال : وليس له أصل في السنة ، وما أقصر في ذلك ، ثم قال : وقال بعض العلماء : يتيمم الجنب إلى المنكبين. وغيره إلى الكوعين . ثم قال : وهو قولٌ ضعيفٌ . وهو كما قال أيضاً.
وفي "قواعد ابن رشد" ، رُوي عن مالكٍ الاستحباب إلى ثلاثٍ ، والفرضُ اثنتان .
وقال ابن سيرين : ثلاث ضربات ، الثالثة لهما جميعاً . وفي روايةٍ عنه : ضربةٌ للوجه ، وضربةٌ للكف ، وضربةٌ للذارعين"

"التوضيح" لابن الملقن(5/215-217).