قال ابن حزمٍ في "حد المنطق"(ص :182)"وقد ذكرت
الأوائل في صفة المنقطع [أي : حجته] ، وجوهاً نذكرها وهي:
أن يقصد إبطال
الحق أو التشكك فيه ، ومن هذا النوع : أن يحيلَ في جواب ما يسأل عنه ، على أنه ممتنع
غير ممكن.
والثاني :
أن يستعمل البهت والرقاعة والمجاهرة بالباطل ، ولا يبالي بتناقض قوله ، ولا بفساد ما
ذهب إليه ، ومن ذلك : أن يحكمَ بحكمٍ ثم ينقضه.
والثالث الانتقال
من قولٍ وسؤالٍ إلى سؤالٍ على سبيل التخليطِ ، لا على سبيل الترك والإبانة.
والرابع :
أن يستعمل كلاماً مستغلقاً يظن العاقل أنه مملوء حكمة ، وهو مملوء هذراً.
ومن أقرب
ما حضرني ذكره حين كتابي هذا الشأن من كتب الناس : فكتاب أبي الفرج القاضي المسمى
" باللمع " ، فانه مملوء كلاماً معقداً مغلقاً لا معنى له ، إلَّا التناقض
، والبناء ، والهدم لما بنى.
وفي زماننا
من سلك هذه الطريق في كلامه ، فلعمري لقد أوهم خلقاً كثيراً أنه ينطق بالحكمة واعمري
! أن أكثر كلامه ، ما يفهمه هو ، فكيف غيره.
والخامس :
أن يحرج خصمه ويلجئه إلى تكَرارٍ ، بلا زيادةِ فائدةٍ ؛ لأنه يرجع إلى الموضوع الذي
طرد عنه ، ويلوذ حواليه ، ولا تقوى ، ولا مزيداً أكثر من وصف قوله بلا حجة.
والسادس :
الإيهام بالتضاحك والصياح ، والمحاكاة والتطييب ، والاستجهال والجفاء ، وربما بالسب
، والتكفير ، واللعن ، والسفه ، والقذف بالأمهات والآباء ، وبالحري إن لم يكن لطام
وركاض.
وأكثر هذه
المعاني ؛ ليست تكاد تجد في أكثر أهل زماننا غيرها. والله المستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق